اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
أخبار الآحاد
50816 مشاهدة
من شروط الراوي الإسلام

2- الإسلام فلا تقبل رواية الكافر، كتابياًّ كان أو وثنيّا أو دهريّا ؛ ولو جرب بالصدق وتوفرت فيه بقية شروط القبول ؛ وما ذاك إلا لعدم انفكاكه غالبا عن البغض للمسلمين والكيد لهم ، مما يحمله على أن يلبس عليهم دينهم ، وقد قال تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ فعداوتهم لأهل الإسلام إنما أثارها الخلاف في الدين ، لمعرفتهم بأن المسلمين إنما تغَّلبوا عليهم وقهروهم بسبب هذا الدين، فلا جرم كان الكافر مظنة تعمد الكذب في الرواية.
  أما الكافر المتأول كمن جحد شيئا من شعائر الدين المعلومة من الدين بالضرورة، وكغلاة الجهمية نفاة الصفات، والمشبهة الغالين في الإثبات؛ ففي قبول خبر أحدهم خلاف، وأكثر المتكلمين على عدم القبول ، وهو اختيار الآمدي ؛ لقوله تعالى : إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا وهو فاسق وزيادة ، فأما من فيه بدعة غير مكفرة فلعل الأرجح قبول خبره، إذا عرف تحرجه عن الكذب ، ولم يكن من الدعاة إلى بدعته ، ولم يرو ما يقوي مذهبه ، حيث أنه على مذهب يعتقد صحته ، ويتأول ما خالفه ، وينتمي إلى الإسلام، ويصدق بالرسالة، وقد روى البخاري وغيره لبعض من رمي بشيء من البدع كالتشيع وإنكار القدر ولكنهم تحققوا من أولئك الصدق، والتثبت في الرواية .
فإن روى المبتدع ما يقوي بدعته لم يقبله منه ، فإن العادة تقتضي تساهله في روايته، لموافقته ما تميل إليه نفسه.
وهكذا لا يقبل خبره إن كان من الدعاة إلى بدعته، إهانة له ، حيث نَصَّب نفسه في الدعاء إلى هذا المنكر، ففي ترك الرواية عنه إماتة لذكره ، وتنفير للناس عن الإصغاء إلى كلامه.